Jumat, 13 Juni 2014

العلاقات الدلالية داخل المجال



1.   العلاقات الدلالية داخل المجال
اهتم أصحاب نظرية المجال الدلالى بالعلاقات الدلالية داخل المجال حيث إن معنى الكلمة عندهم هو محصلة علاقاتها بالكلمة الأخرى فى المجال الدلالى نفسه، وأهم هذه العلاقات:
1.   الترادف Synonymy
علاقة الترادف من أكثر العلاقات الدلالية وقوعا بين ألفاظ المجال الدلالى، نظرا لتشابه وتقارب كثير من الملامح الدلالية بين ألفاظ المجال الواحد، مما يتيح لأفراد الجماعة اللغوية استخدام ألفاظ المجال الدلالى كمتزادفات يحل بعضها مكان بعض.
الترادف عند القدماء:
عرفة القدماء بأنه "الألفاظ المفرة الدالة على شيئ واحد "، ومثاله ما أورده ابن جن في "الخصائص"تحت" باب: فى تلاقي المعانى على اختلاف الأصول والمبانى"، مثل: الخليقة, السجية، الطبيعية، الغريزة، السليقة.
اضطربت اراء القدماء فى الترادف، وتوزعتبين مؤيد ومعارض، والتصنيف الذي أورده الدكتوركمال بشر (فى تعليقاته على ترجمه كتاب دور الكلمة فى اللغة) يظهر بوضوح ودقة مو قف القدماءتجاه قضيو الترادف، وسوف يسير البحث هنا على هدى هذا التقسيم.
1-فريق يؤمن بوجود الترادف، لكن ترادف غير تم، أى بمعنى التقارب فى المعنى ومن هؤلاء ابن فارس (ت:395ه)، حيث يقول بعد ذكر عدد من المترادفات:"...على مذهبنا في أن فىكل واحدة منها ماليسفي صاحبتها منمعن وفائدة" أى أنهيؤمن بالترادف ولكن على أساس أن لكل كلمة لونا معينا من المعنى، أوعلى الأقل فائدة أو وظيفة خاصة فى الاستعمال" ، كذلك أبو سليمان الخطابى (ت 388ه) الذى يقول:" إن فى الكلام أافاظامتقربة المعنى، يحسب أكثر الناس أنها متساوية فى إفادةبيان مراد الخطاب، كالعلم والمعرفة، والحمد والشكر، والبخل والشح، وكالنعت والصفة، وقولك: اقعد واجلس، وبلى ونعم من وعن، ونحوها من الأسماء والأفعال والحروف والصفات، والأمر فيها وفي ترتيبها عند علماء اللغة بخلاف ذلك، لأن لكل لفظة خاصية تتميز بها عن صاحبتها فى بعض معانيها، وإن كان يشتر كان فى بعضها ".
2-فريق ينكر وجود الترادف فى اللغة إنكرا تاما، ومن هؤلاء أبو على الفارسي الذي أنكر على ابن خالويه أن للسيف خمسين اسما، وقال ابو على: "لاأعرب له إلا اسما واحدا، فقال ابن خالوية: وأين المهند، والعضب، وكذا وكذا؟ فقال ابو على: هذه صفاته " ولاشك أن صفات السيف لها معان مستقلة ومغايرة لاسم السيف، وبالتالى لا يقع الترادف بينها جميعا.
ومن أشهر اللغويين المنكرين لترادف ابن الأعربى (ت 231ه), حيث يقول "كل حرفين أو قعتهما العرب على معنى واحد، فى كل واحد منها معنى ليس في صاحبه، وبماعرفناه فأخبرنا به، وربما جهلناه، فلم نلزم العرب جهله "، وقد ألف أبو هلال العسكرى كتابه "الفروق اللغوية" لإثبات الفروق بين ألفاظ التي قيل بترادفها.
3-فريق ثالث يؤمن بوقوع الترادف مطلقا، ويرون أن الترادف من أخصائص االعربية، وحجتهم فى ذلك: أنأصحاب اللغة "إذاأرادواأن يفسروا اللب قالوا: هو العقل، أو الجرح, قالوا: هو السكب, قالوا: هو الصب، وهذا يدل على أن اللب والعقل عندهم سواء، وكذالك الجرح والكسب والكسب والصب، وما أشبه ذلك ".
وقد أفرد بعضهم كتبا لكلمات المترادفة, مثل:
أ‌-  ابن خلوية (ت: 370ه): ألف كتابا أسماء الأسد، وكتابا اخر فى أسماء الحياة.
ب‌-  الفيروزأبادى (ت: 817 ه) وضع كتابا أسماه: " الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف".
واحتج المؤمنون بوقوع الترادف مطلقا "بأنه لو كان لكل لفظة معنى غير معن الأخرى، لما أمكن أن لعبرعن شيئ بغير عبارة، وذلك أنا نقول فى: (لاريبفيه): لاشك فيه, فلوكان الريب غير الشك لكانت العبارة عن معنى الريب بالشك خطأ، فلما عبر بهذا عن هذا علم أن المعنى واحد ".
لكل ابن درستويه وجه نقدا لمؤمنين بوقوع الترادف مطلقا، واتهمهم "بأنهم جهلوا حقيقة الأمر، فهو يرى أن الفروق فى الدلالات بين المترادفات كان يعرفها العرب الأول ويدركونها يسليقتهم وطبيعتهم السليمة، ولكن هؤلاء القوم القائلين بوقوع الترادف لم يستطيعوا فهم هذه الفروق وإدراكها، فظنوا أن الكلمات متحدة المعن ونسبوا ةذلك إلى العرب، وهذا خلاف الواقع.
جانب من العلماء صنفوا الترادف إلى قسمين:
(أ‌)     الترادف الواقع بين العبارات والجمل, لا الكلمات المفردة.
مثل: لّم الشعث- رتق الفتق, و عرفوه بانه: "إقامة لفظ, لمعان متقاربه يجمعها معن واحد".
والشواهد التي سيقت على هذا النوع تحدد أن معنى "لفظ" فى التعريف أنما هو العبارات والجمل.
(ب‌)         التوارد: ويحتقق ذلك "حين تضع أكثر من اسم للذات الواحدة والشىء الواحد, كأن تسمى الأسد بالسبع, والليث, واضغام", ونفهم من الأمثلة أن المتوراد عندهم يقابل "المترادف" عند غيرهم.
والترادف عند المحدثين، آراء المحدثين لحق بها الخلاف مثلما بين القدماء في مسألة الترادف, وميز المحدثون بين الترادف التام (الكامل), والترادف بمعنى التقارب فى المعنى أو أشباه الترادف.
v  الترادف ينقسم الى قسمين:
أ- الترادف التام الكامل :(Complete Synonymy)
أكثر اللغويين المحدثين على إنكار هذا النوع, حيث "إن الثروة اللفظة للغة ما تتمايز فى إطار الفروق الأكثر خصوصية", ولو "كانت الكلتان متردفتين من جميع النواحى لما كان هنك سبب فى وجود الكلمتين معا".
ب- الترادف بمعنى التقارب فى المعنى :(Near Synonymy)
هذا النوع من الترادف هو الشائع فى اللغة, ويوجد داخل ألفاظ المجال الدلالى, حيث تشترك  ألفاظ المجال فى كثير من الملامح الدلالية التى تجمعها تحت معنىى  واحد, لكن تبقى فروق دقيقة أو ملامح دلالية خاصة ومهمة تميز بين كل كلمة وأخرى داخل المجال الدلالى.
v  أسباب الاختلاف فى مسألة الترادف:
يرجع الاختلاف فى مسألة الترادف إلى ثلاثة أسباب:
الأول : عدم الاتفاق بين الدرسين على المقصود بالترادف.
الثانى : اختلاف المناهج بين الدرسين والباحثين فى معالجة الترادف.
الثالث : اختلاف المناهج فىتحديد معانى المفردات و تعريفها.
2- التضاد (Antonymy)
   هو "نوع من العلاقة بين المعانى, بل وربما كانت أقرب إلى الذهن من أية علاقة أخرى, فمجرد ذكر معنى من المعانى, يدعو ضد هذا المعنى إلى الذهن, ولا سيما بين الأوان؛ فذكر البياض يستحضر فى الذهن السواد, فعلاقة الضّدية من أوضح الأشياء فى تداعى المعانى".
·       التضاد عند القدماء:
   يقصد بااتضاد عند القدماء ان يطلق اللفظ على المعنى وضده, ومن أمثلة التضاد بهذا المفوم. دلالة "الجون" على الأبيض والأسواد, و"اقرء" للطّهر والحيض, والنّد: للمثل والضد والزوج: للذكر والأنثى والسليم: للّديغ والسليم.
·       التضاد عند المحدثين :
   وأخذ التضاد عند المحدثين مفهوما مختلفا للكلمة الواحدة عن المفهوم القديم فالتضاد عند المحدثين يعنى: "وجود لفظين يختلفان نطقا ويتضادان معنىً" "والخاصية الأساسية لكلمتين بينهما تضاد أنهما يشتر كان فيه, يكون موجودا بإحداهما وغير موجود بالأخرى". مثل: مذكر, مؤنث: يشتركان فى الجنس, ويختلفان فى النوع.
3- علاقة الاشتمال (التعميم)
     ومثال العلاقة بين ألفاظ المجا الدلالى واللفظة العامة التى تجمع المجال كله لعموم معناها, فمثلا هناك علاقة تضمن بين دعا-قال, حيث إن الدعاء يتضمن معنى الول.
قال: اللفظ الأعم.
دعا: اللفظ الفرعى.
4- علاقة التخصيص
   مثل علاقة اليد بالجسم, وهذا غلاقة نسبية, ماليد جزء والجسم كلّ بالنسبة لليد, ينما الأصبع جزء من اليد كل بالنسبة للأصبع.
5- التباين
        فمعانى هذه الألفاظ لا يتضمن أي منها لفظا آخر. وعلى هذا فالعلاقة بين هذه الألفاظ علاقة تباين.
6- نظرية السياق Context Theory))
فتجنشتين :Wittgenstein
   "معنى الكلمة يكمن فى استعمالها فى اللغة", وهو يقول أيضا: "لا تسأل عن المعنى, ولكن سل عن الآستعمال". وتزعّم "فيرث" فكرة السياق وأصّل دراسة المعنا من خلال إطار منهجى, والسياق نوعان: لغوى, وغير لغوى.
أ- السياق اللغاوى
     وفيه تراعى القيمة الدلالية المستوحاة من عناصر لغوية، فالكلمة يتحدد معنا ها من خلال علاقاتها مع الكلمات الأخرى فى نظم، وهذا لا يشتمل على الجملة وحدها، بل ينتظم الفقرة أو صفحة أو الفصل أو الباب أو الكتاب كله.
والمثال على ذلك: الفعل "أكل" و معانيه المتعددة من خلال السياقات القرآنية التالية        كذلك يمكن أن نمثل للسياق اللغوى بكلمة "عين" حين ترد فى سياقات لغوية متنوعة، وكل سياق يظهر ويحدد وجها و معانيها:
عين الماء      :       البئر
عين الدولة     :       الجاسوس
عليه العين     :       الاهتمام
تأجير العين    :       المكان
عينه فيها       :       الرغبة
وهكذا فقد تعددت المعانى لكلمة "عين" وحدد كل سيق أحد هذه المعانى.
الارتباط الاعتيادى لكلمة ما فى لغة ما، بكلمة أخرى معينة، أو استعمال وحدتين معجيمتين منفصلتين، يأتي استعمالهاعادة مرتبطتين الواحدة بالأخرى ومن أمثلة
 ذلك كلمة "مجلس":
-مجلس علم
-مجلس الكلية
-مجلس الجامعة
و من هنا تظهر أهمية السياق اللغوي ودوره تحديد المعنى وفهمه.
ب- السياق غير اللغوى "السياق الموقف"
                وهو يمثل الظروف والملابسات والمواقف التي تم فيها الحديث اللغوى و تتصل به وهو ما أطلق عليه دكتور بشر :"المسرح اللغوى " ويسميه:" سياق الحال" ويعرفه بأنه: "جملة العناصر المكونة للموقف الكلامى، ومن هذه العناصر شخصية المتكلم والسامع، وتكونيهما الثقافى، وشجصيات من يشهد الكلام غير المتكلم و السامع _ إن وجدوا-وبيان ما لذلك من علاقة بالسلوك اللغوى، والعوامل والظواهر الاجتماعية ذات العلاقة باللغة والسلوك اللغوى لمن يشارك فى الموقف الكلامى كحالة الجو إن كان لها دخل، وكالوضع السياسى، وكمكان الكلام"
ومن هنا نلمح أن السياق غير اللغوى يضم سياقات متنوعة مثل: السياق العاطفى، والسياق الثقافي، والسياق المواقف، ولكل واحد منها دور يسهم به فى تحديد المعنى.
كذلك أطرف مواقف الكلامى تؤثر في تحديد المعنى، فسؤال الأستاذ للتلميذ للاختبار والتقييم، أما سؤال التلميذ للأستاذ فهو للاستفادة وزيادة العلم أو إزالة الجهل.
أيضا المواقف الذي يقع فيه الحديث الكلامى له اعتبار مهم فى تحديد المعنى فعبارة "اسلام عليكم" تحية الاسلمية، ولكن هذه العبارة قد تتحول إلى معنى المغاضبة والمقاطعة، فيذهب مغاضبا وهو يقول:"السلام عليكم"، فالمقام هنا يصرف معنها من كونها تحية اسلامية إلى دلالة المقاطعة والغضب.
·       السياق عند القدماء :
لقد فطن القدماء فكرة السياق بنوعه: اللغوى و غير اللغوى ، ونظريةنظم عند عبد القاهر خير شاهد على معرفتهم بالسياق اللغوى، يقول عبد القاهر:"اعلم أن ليس (النظم) إلا أن تضع كلامك الوضع الذى يقتضيه (علم النحو)، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف منا هجه التي نسهجت فلا تزيغ عنها، وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تخل بشيء منهازس.
3- نظريه التحليل التكوينى Composition AnalysisnTheory
جين يستخدم الباحث نظرية المجال الدلالى Semantic Field   يحتاج – بعد تحديد ألفاظ المجال الدلالى وجمعها- إلى التمييز الدقيق بين معانى الكلمات داخل المجال, وهنا يأتي دور النظريه التحليلية, لتمد الباحث بأهم الملامح التي تميز بين ألفاظ المجال الواحد, "حيث إن معنى الكلمة يتحدد عند أصحاب هذه نظرية بمجموع الملامح الدلالية التى تحملها", لذلك عد J. Lyons  "نظرية التحليل التكوينى" مكملة لنظرية "نظرية التحليل التكوينى" و "النظرية السياقية", حيث إن السياق خطوة تمهيدية لنظرية " التحليل التكوينى " ولقد عد Ulmann  المنهج السياقى جطوة تمهيدية للمنهج التحليلى, حيث يرى أنه بعد أن يجمع المعجمى عددا من السياقات الممثلة التى ترد فيها كلمة معينة, وحينما يتوقف أى جمع آخر للسياقاتعن إعطاء معلومات جديدة, يأتى الجانب العملى إلى نهايته, ويصبح المجال مفتوحا أمام المنهاج التحليلى", وهذا ما صنعه كل من Fodor & Katz  حين قاما بتحليل تكوينى المجموعة من الألفاظ الدالة على اللون آن واحد : "نظرية المجال الدلالى", و "نظرية السياق", و "نظرية التحليل التكوينى".
ويتركز دور نظرية التحليل التكوينى فى تحديد الملامح الدلالة Semantic Features  لمعنى كلمة من كلمة المجال الدلالى الواحد, وذلك من خلال استقراء السياقات التى ترد فيها الكلمة, فكما أن هناك ملامح دلالية تجمع طائفة من الكلمات فى مجال دلالى واحد, يمكن أن يطلق عليها "ملامح عامة", فهناك أيضا ملامح دلالية تميز كل كلمة داخل المجال الدلالى الخاص بها, ويمكن أن يطلق عليها "ملامح خاصة", وهذه الملامح الخاصة هي التى تميز بين معانى كلمات المجال الدلالى الواحد وتُظهر الفروق الدقيقة بين معانى الكلمات المترادفة, وقد أورد Katz & Fodor أمثلة لتحديد معنى الكلمة بواسطة منهج التحليل التكوينى, مثل كلمة : عزب.
عزب
                                           حيوان     إنسان
                                  حاصل على        عزب         يحارب
                                  شهادة جامعة                   تحت لواء معين
و عناصر هذا التحليل تتركز فى ثلاثة محاور :
‌أ.          الملامح النحوية (اسم, فعل, صفة, جمع, مفرد).
‌ب.   الملامح الدلالية (إنسان, حيوان, نبات...إلخ).
‌ج.     الملامح المميزة (السياقة).

2.   التطور الدلالى
اللغة وصيلة وأداة يتواصل بها الأفراد والجماعات, ويعبرون بها عن شئون الحياة المختلفة, وحيث إن الحياة تتغير وتتطور على الدوام, فإن لهذا التطور والمتغير صداه الواضح فى الأداة والوسيلة التى تيتخدم للتعبير عن هذه النواحى المختلفة للحياة لذلك يعد التطور اللغوى من أكبر مظاهر حيوية اللغة, يقول   Ulmann :
"اللغة ليست هامدة أو ساكنة, بحال من الأحوال, على الرغم من أن تقدمها قد يبدو بطيئا فى بعض الأحايين".
وتطور اللغوى بهذا المفهوم لا يستشير أحدا, إنه ماض فى طريقه, لأنه انعكاس مباشر لكل نواحى التغيير فى شئون الحياة المختلفة, فاللغة مرآة للمجتمع كما أن التطور اللغوى لا يقف عند مستوى بعينه من المستويات اللغوية, بل يشمل المستويات اللغوية كلها, "فالأصوات والتراكب والعناصر النحوية وصيغ الكلمات ومعانيها, معرضة كلها للتغير والطور, ولكن سرعة الحركة والتغير فقد هى التى تختلف من فترة زمنية إلى أخرى, ومن قطاع إلى آخر قطاعات اللغة.
والطور اللغوى لا يقع اعتبطا دون ضابط ولا نظام, بل يحدث وفقا لاتجاهات عامة, وقواعد مطردة, فكما أن هناك ما يسمى بالقوانين الصوتية, كذلك هنالك قوانين المعنى. 
ويقع التطور اللغوى على مرحلتين:
(1)           مرحلة التغير: وهى مرحلة فردية, وتظهر فى الكلام الفعلى, وليس معنى أنها فردية أنها تقع من فرد واحد, فقد تقع من أفراد, فلا غرابة أن يقع الخاطر على الخاطر, وأن تصادف الفكرة, وهذا التغير قد يكون مقصودا كما فى عمل الأدباء والمجامع اللعوية, أو غير مقصود: من الناطقين أنفسهم.
(2)           مرحلة انتشار التغير : وهى مرحلة جماعية, فاستعمال هذا المتغير بين الجماعة اللغوية يحقق له الانتشار.
ويستخدم لفظ التطور عند اللغويين المحدثين, بمعنى مطلق التغير, سواء أكان هذا التغير سلبيا أم إيجابيا, يقول يسبرسن :
"من رأى علماء اللغة أن المقصود بالتطور Development فى اللغة لا يصح أن يلصق به المعنى المشهور  فى الأمور الأخرى, بأنه اتجاه تقدمى نحو الكمال, فى مقابل من يصرون على اعتبار التغير تقهقرا إلى الوراء أكثر منه اتجاها إلى التقدم, إذ يقصد بالتطور ببساطة : أنه تغير مستمر فى اللغة, بدون حكم على قيمة هذا التغير".
واالغة العربية كسائر اللغات الحية, تخضع لسنة التطور, فلقد استوعبت اللغة العربية قديما أول تجربية لها وهى تواجه الحضارة الإسلامية, ثم واجهت الحضارات المختلفةعبر العصور المتعاقبة, وهى لا تعجز عن الوفاء بالتعبير عن كل جديد من مواليد الحضارات المختلفة والثقافات المتعددة, والتجربة الحديثة التى تواجهها العربية المعاصرة تدفعها إلى لون من التطور للوفاء بالحتياجات الحضارة واستيعاب كل جديد فيها.
v  التطور الدلالى Semantic Development.
التطور اللغوى يكون أوضح ما يكون فى المستوى الدلالى, لأنه الجانب الذى يربط بين اللغة والواقع ربطا مباشرا, ويصوغ العلاقة الرمزية بينهما صياغة تجريدية على هذا النحوى:
الدال (اللفظ)/ المدلول (الشىء)
ولما كانت المدلولات (الأشياء) متطورة وكان من طبيعتها التغير والتحول من زمن إلى زمن, ومن حضارة إلى حضارة, كانت الدوال"الألفاظ" متطور باطراد متناسبمع ما يلابس  المدلولات من تحولات وتغيرات, يقول J. Lyons :
" إن الثورة اللفظية للغة عبارة عن نسق متكامل من المواد المعجمية التى ترتبط بالمعنى, هذا النسق فى تدفق ثابت, فنحن ى نجد المواد المعجمية التى كانت موجودة من قبل تختفى ثم تحل محلها مواد جديدة عبر تاريخ اللغة فحسب" بل إن علافات المعنى التى تقع بين مادة معجمية بعينها وغيرها من المواد الجاورة فى النسق فى التغير مستمر عبر الزمان أيضا, وأى اتساع فى معنى إحدى المواد المعجمية يتضمن تضبيقا مماثلا فى مادة أو أكثر من المواد المجاورة لها".
التطور الدلالى بين القدماء والمحدثين
البحوث الدلالة – عامة – بحوث قديمة حديثة, فهى قديمة لأن العرب لهم جهود فى هذا المجال, ونلمح أثرها فى كثير من كتبهم, وهى أيضا حديثة لأنها قد استحدثت أنماطا وطرقا عالج القدماء التغير الدلالى فى اتجاهين:
الأول : تمثل فى الحرص الشديد حفاظا على اللغة, فواضوا حدودا زمانية ومكانية ينتهى عندما قبول الاستعمال الجديد الذى سموه مولّدا, لأنها لم يسمع عن العرب الذين يحتج بهم, وعدُّوا كل  تغير لا يوافق الاستعمال العربى – داخل الحدود الزمانية والمكانية التى وضعوها – لحنا, وتوفرت جهود اللغويين القدماء لمقاومة هذا اللحن, بدءًا من القرن الثانى الهجرى , وألّفت فيه عشرات الكتب حصر منها أحد الباحثين ثلاثين مؤلفا, وهذا واحد من عمد اللغويين القدماء وهو ابن فارس, يذكر أن أى تغير يطرأ على المعنى موقوف على ما سمع, حيث قال بعد أن ذكر طائفة من الألفاظ التى غيرت العرب معانيها : " وكل ذلك عندنا توقيف على ما احتججنا له".
وهذا يكشف لنا عن أن قيود اللغويين القدماء لقبول أى استعمال لغوى جديد, لم تمنع حركة التطور الدلالى, ولعل ذلك كان من بين ألأسباب التى دفعت اللغويين المحدثين إلى قبول المولد الذى جرى "على أقيسة العرب من مجاز, أو اشتقاق, أو نحوها, كاصطلاحات العلوم والصناعات وغير ذلك, وحكمه أنه عربى سائغ".
الثانى: أنهم عدوا كل تغير يوافق الاستعمال العربى داخل الحدود الزمانية والمكانية من باب المجاز.
v  مظاهر التغير الدلالى
أ‌-  انتقال المعنى لعلاقة المشابهة بين المدلولين، أي بسبب الاستعارة
وقد وضح Ullmannهذا النوع بقوله:
إننا حين نتحدث عن عين الإبرة نكون قد استعملنا اللفظ الدال على عين الإنسان استعمالا يحازيا، أم الذى سوغ لنا ذلك فهو شدة التشابه بين هذا العضو والثقب الذى ينفذ الخيط من خلاله.
ب- انتقال المعنى لعلاقة غير المشابهة بين المدلولين, وهو المجاز المرسل:
      والمجاز المرسل طريق من طرق التطور الدلالى, ويوضحه بقوله Ullmann :
"كلمة:  Bureau(مكتب) قد يكون معناها اليوم: المكتب الذى  يجلس إليه الإنسان ويكتب عليه, المصلحة الحكومية, أو المكان الذى تدار منه الأعمال, ومن الواضح أنه ليست هناك مشابهة بين المدلولين, ولكن بينهما ارتباطا آخر, فالمكتب الذى نكتب عليه يوضع فى الأماكن التى تدار منها الأعمال, و على هذا فالفكرتان مرتبطتان بعضهما ببعض, فى ذهن المتكلم, أو قل: إنهما ينتميان إلى مجال عقلى واحد. هذا هو التفسير النفسى لذلك النوع من الممجال المعروف بالمجاز المرسل".
v  مظاهر الاخريتى
هناك المظا هر الاخري لتغيير المعنى:
أ.المبا لغة
اعتبر  "مسؤولة عن الشعارات المذهبية و الاصطلا حات الخادمة التى تشتغلها اجهزة الدعاية أسو اشتغلال، حتى انها لا تلبث ال تؤدى الى عكس المقصود منها" وذالك نحو: "سعيد بشكل مخيف، و را بع بكل بسا طه وقد عدها   من المجاز انها من وجهة النظر العربية اوسع من دائرة المجاززز"
ب. رقي الدلالة أو انحطا طها:
شرف الكلمة و قيمتها بين الجماعة الللغوية مستمد من قيمة معا نيها،"لواء " مثلا، لا تكمن قيمتها في الام والواو والالف والهمزة، فما هذه الحروف الا رموز معبر عن معن اصطلاح الناس عليه، و قيمة معناها تتجلى فى قيمة السلطة المخولة لهاذه الرتبة و في قيمة المسؤولية المنوطة بها، والفرق بين هذه الكلمة و كلمة "نقيب" ليس هو الفرق بين المعنى المشار اليه بكلمة "لواء" معنى كلمة "نقيب" المتمثل في قيمة السلطة وقدر المسؤولية المنو طتين بها.
v  اسباب تغيير المعني
ارتباط اللغة با المجتمع و متغيراته المتعددة، جعل الاسباب التي تؤدى الى تغير المعنى عدىدة و متنوعة، ويمكن تصنيف هذه الاسباب الى نوعين:
أ.اسباب لغوي
ب. اسباب اجتماعية
و هذ التقسيم لغرض الدراسة والبحث فقط، و الا فا العوامل اللغوية والاجتماعية كلتاهما تعمل جنب فى ان واحد، ودون فصل بينهما في الواقع اللغوي.
أ‌-                اسباب اللغوي:
1)   الحاجة 
مواليد الحياة المتنوعة – حسية كانت او معنوية كانت – تحتاج الى اسماء تدل عليها، و يرجع اللغويون الى كنوزهم اللغوية المتمثلة في التراث اللغوي، ينتقمون كلمة اندثرت فيعيدون فيها الحياة، و يسمون بها مواليد الحياة المختلفة، ومن هنا تظهر كلمات قديمة قد لبست ثبيابا جديدة من المعني، و مثل ذالك: الجريدة، الصحيفة، والوظيفة، والقطار، و التسجيلز
2)   الاستعمال
ان الماد الاولية للغة ثابتة، ولكن اشكاله متغيرة، و ليس و من الممكن ان يتطرق الفناء او الاماته الى المادة الخادم، الاي اذا قضى الله الا تكون اللغة ذاتها، فأم الاشكال فانها تحيا و تموت، تحييها ضرورة تعبيرية، و يميتها انعدام هذه الضرورة، ثم تبعثها في صورة اخري ضرورة جديدة، وهكذا دو اليك
3)   الخطاء و سوء افهم
قد ينتج عن الخطاء فى تطبيق القواعد أو سوء الفهم لها تغيير دلا لي، مثال ذالك كلمة "ولد" تطلق في اللغة العربية على المولود عامة مذكرا كان او مؤنثا، لكن تذكير الصيغة الصرفية في اللغة لكلمة"ولد" جعل معناها يرتبط في الذهن با المذكر و اصبحت تطلق علي الذكر دون الانثي في كثير من اللهجات.
كذالك كلمة "زوج" حدث لها تغيير دلالى لنفس السبب، وواضح المثالين السابقين ان الخاء فى تطبيق قواعد اللغة وسوء الفهم ليس الا نتيجة للعمليةالذهنيةالتي تسمى با القياس الخاطئ.
4)   تغيير مدلول الكلمة لتغيير طبيعية الشيء الذي تدل عليه:
فكلمة " الرشيد" مثلا كانت تطلق على الة الكتابة أيام أن كانت تتخذ من ريش الطيور، و لكن تغير مدلولها الأصلي نبعا لتغير المادة المتخذة منها الة الكتابة فأصبحت تطلق على قطعة من المعدان مشكلة فى صورة خاصة كذالك نجد كلمة المثال: القطار، البريد، الخاتم. تغيير مدلولها لتغير طبيعة الاشياء التى كانت تدل عليها هذه الكلمات.
5)   تطور اصوات الكلمة